القهوة هي أكثر مشروب يتم استهلاكه حول العالم حيث يتم استهلاك أكثر من ٢ مليار كوب قهوة يومياً، ومقدر لهذه الصناعة أن تزدهر وتتنوع. تعد المملكة العربية السعودية السوق الأسرع نمواً في الشرق الأوسط بمعدل نمو يتجاوز الـ٩.٦٪ سنوياً. يتوقع الخبراء أن معدل النمو الإجمالي السنوي لسوق البُن سوف يصل إلى الـ ٦.٢٪ بين ٢٠٢١- ٢٠٢٧ في المملكة. هذا النمو المتصاعد مرتبط بشكل وثيق بالتغيرات الحاصلة على نمط الحياة في المملكة والذي بات سريعاً، والتغيُر في تفضيلات المستهلكين، ونمو الطبقة العاملة. ظهرت في السنوات الأخيرة توجهات جديدة اكتسحت السوق مثل القهوة المختصة والمقاهي ذات الطراز البوهو. العديد من هذه التوجهات نبعت وازدهرت في الغرب، قبل أن تلقى رواجاً في السوق المحلي. يستعرض هذا المقال التوجهات الجديدة والتي يتوقع أن تكتسح السوق في السنوات القادمة، والتي سوف تشكل فرصة ذهبية لرواد الأعمال، والمستثمرين، وأصحاب المقاهي.
هناك صناعة وسوق بأكمله للمنتجات الخاصة لمن يمتلكون حساسية طعام، مثل حساسية زبدة الفول السوداني أو البيض. الطلب على هذا السوق يعتبر مرتفع محلياً ولكن العرض لا يلبي نصف هذا الاحتياج. واحدة من أشهر أنواع حساسية الطعام هي "عدم تَحمُّل اللاكتوز". بناءً على تقرير "عدم تَحمُّل اللاكتوز حول االعالم لكل دولة" فإن نسبة الأشخاص الذين يعانون من هذه الحساسية تصل إلى ٢٨٪ في المملكة، وهذه الأرقام على الصعيد العالمي تعد أعلى من ذلك بكثير. هذه الإشكالية خلقت سوق يقدر بنحو ١٨ مليار دولار للمنتجات الخالية من الألبان، وتشير التقديرات إلى أن هذا الرقم سوف يصعد إلى ٤١ مليار بحلول ٢٠٢٥. هذا التوجه طال صناعة القهوة، وخلق منتجات كثيرة خالية من الألبان ومُحضرة من مكونات نباتية. عدم القدرة على تَحمُّل اللاكتوز ليس السبب الوحيد في إزدهار خط الإنتاج هذا، بل نمو عدد الأشخاص الذين يتبعون حمية غذائية نباتية والتي باتت أسلوب حياة وهوية؛ حيث يعرف الشخص نفسه بأنه "نباتي" ليكون الطعام الذي يتناوله جزء لا يتجزأ من هويته ومن يكون. تفاعلات الكثير من العلامات التجارية بسرعة مع هذا التغير لتضيف خيارات متنوعة لقوائم الطعام و لتلبي هذا الاحتياج المتصاعد. من الجدير بالذكر أن أشهر بدائل الحليب والمحضرة من مستخلصات نباتية هي: حليب الشوفان واللوز والصويا وجوز الهند.
من التوجهات الأخرى والتي يتوقع لها أن تزدهر في السوق المحلي هي قهوة النيترو الباردة. النيترو عبارة عن قهوة باردة يتم إضافة غاز النتروجين لها وتقدم في كأس مباشرة للعميل أو معلبة. يعرف هذا المشروب بقوامه الكريمي والرغوي بالإضافة إلى فقاعات النيترو. حازت هذه القهوة على شعبية واسعة لطعمها الغني وقوامها السميك والخالي من منتجات الألبان والسكر المضاف. عملية تحضير قهوة النيترو تعد طويلة ومكلفة، حيث يستغرق الأمر من ١٢-٢٤ ساعة، بالإضافة إلى وجوب خلق شبكة كاملة من الأنابيب وخزانات الغاز وموصلات البراميل.
يمكن تقدم هذه القهوة في علبة تماماً مثل المشروبات الغازية، حيث أن غاز النتروجين يعد مادة حافظة للطعام، مما يطيل من العمر الإفتراضية للمنتج والذي قد يصل إلى سنة. هذا جعل من من قهوة النيترو الباردة خياراً مربحاً وإضافة مميزة للكثير من المقاهي. إختيار بن قهوة ذو جودة عالية والمعدات الصحيحة يعد إلزامي لتحقيق النجاح المرجو منه بإضافة هذا الخيار لقائمة المقهى الخاص بك.
تمركزت الموجة الثالثة من ثقافة القهوة بشكل كبير على الحرفة الشخصية لصنع القهوة. اسُتخدمت كلمات مثل "محمص يدويًا" أو "مصنوع يدويًا" في كثير من الأحيان لتسويق المقاهي. لقد خلق هذا إحساسًا بأن الناس يبحثون في الغالب عن فنجان قهوة محضر بشكل مخصص وفريد في كل مرة، لكن الاستطلاعات تظهر خلاف ذلك. حسب استطلاع للرأي أجرته منظمة يو سي سي كوفي للمستهلكين الذي يتناول قهوتهم خارج المنزل حول "ماذا الذي يتوقعونه من المقاهي؟" قال ثمانية من كل عشرة مشاركين إن "الاتساق" هو العامل الأكثر أهمية عند زيارة المقهى. تتجه العديد من الصناعات نحو الأتمتة، ولا تختلف صناعة القهوة عن غيرها. يعتقد ديفيد والش، رئيس قسم البحث والتطوير في شركة Marco Beverage Systems، أن هناك وعداً ضمنياً (وأحياناً صريحاً) بالجودة العالية عند تقديم قهوة محضرة يدوياً، ولكن عندما يحدث خطأ بشري ويتفاوت معدل الاتساق مع كل زيارة؛ يمكن أن تكون النتيجة مخيبة للآمال. لذلك تظل الجودة المتسقة والمستمرة عاملاً رئيسيًا في إرضاء المستهلك، وبالتالي فلا عجب أن تكون هناك زيادة في التشغيل الآلي في صناعة القهوة؛ سواء كان ذلك في الإنتاج أو المعالجة أو التحميص.
قد تكون كل هذه التغييرات مربكة للشركات والعلامات التجارية، خاصةً إذا كانت تحمل تكلفة باهظة مثل تثبيت نظام النتيرو. ومع ذلك، هناك العديد من الأشياء التي يمكن أن تفعلها العلامات التجارية والشركات لتتكيف مع كل هذه التغييرات. أولاً، يجب أن يكون لديك مرونة عالية وانتفاح لكل ما هو جديد، حيث أن المرونة هي العامل الذي سوف يساعدك على الصمود في ظل صناعة تتميز بالتنافسية العالية خصوصاً في المملكة. ثانياً، التغيرات الصغيرة تقود إلى نتائج كبيرة. في الكثير من الأحيان، هناك حلول تجارية قد لا تكلفك الكثير من الموارد ولكنها سوف تعود عليك بنفع عالي؛ حيث لا يتطلب الأمر دائماً تغيير البُنية التحيتة أو إحداث تغيير جذري. على سبيل المثال: إضافة المنتجات الخالية من الألبان إلى قائمة مقاهك هو تعديل بسيط يمكن أن يجذب إليك شريحة جديدة وواسعة من المستهلكين. ثالثاً، قم بتحليل التكلفة والعائد لفهم ما إذا كان شراء معدات خاصة سوف يساعدك على تحقيق ربح في المستقبل. وأخيراً، من المهم أن لا تخسر هوية مقاهك في ظل هذه التغييرات المستمرة وأن تعرف أين تقف في خضم كل هذا.احرص علِى أن التغييرات التي تريد تبنيها يتم تعديلها لتتوافق مع رؤيتك وتحافظ على طباع متجرك.